أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

إقرأ أيضا

ما هو الذكاء الاصطناعي AI؟ تعريفه، تاريخه، وأنواعه واستخداماته الشائعة

في عالمنا المتسارع والمتغير، أصبح الذكاء الاصطناعي موضوعًا شائعًا ومحورًا أساسيًا في الأبحاث العلمية والتطورات التكنولوجية. من المساعدين الشخصيين على هواتفنا إلى السيارات ذاتية القيادة، يثير الذكاء الاصطناعي فضول الكثيرين ويغير طريقة حياتنا. لكن ما هو الذكاء الاصطناعي حقًا؟ وكيف تطور ليصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية؟ في هذا المقال، سنستكشف هذا المجال الثوري من جذوره إلى تطبيقاته المستقبلية.

مقدمة عن الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence (AI)

الذكاء الاصطناعي (IA ) (artificial intelligence) هو أحد المصطلحات الأكثر تكرارًا في المنشورات العلمية، و المقالات الصحفية و في أعمال الخيال العلمي. ولكن ما هو الذكاء الاصطناعيAI؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال، يجب أن نسأل أولاً: ما هو الذكاء؟ هل هو ذلك الذي يظهره  شخص ما عند نجاحه في امتحان عام بعد دراسة مكثفة؟ ربما يحدث هذا مع معظم الناس، عندما يقول شخص مثلاً "فلان ذكي، نجح في الامتحان العام وسيحصل الآن على وظيفة جيدة". لكن من الممكن أن أغلبية الناس يخلطون بين الذكاء والإصرار أو الجهد.

و في الحقيقة، الذكاء يمتلك تعريفًا واسعًا يشمل القدرة على التجريد، والاستدلال، والمنطق، والوعي الذاتي، والقدرة على التعلم، والتفكير النقدي، وحل المشكلات. باختصار، يمكن وصف الذكاء بأنه القدرة على فهم المعلومات واحتفاظها كمعرفة ليتم تطبيقها في سلوكيات تكيفية في بيئات معينة. السلوك التكيفي هو مجموعة من المهارات التي تمكن الأشخاص من التكيف مع الأنشطة اليومية في البيئات المنزلية و المدرسة و المهنية و الاجتماعية.

الذكاء الاصطناعي AI مقابل الذكاء الطبيعي

إن الذكاء الاصطناعي هو نوع من الذكاء الموجود في الآلات، على عكس الذكاء الطبيعي الموجود لدى البشر. و يستخدم مصطلح "الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence (AI) " لوصف الآلات التي تستطيع تقليد الوظائف المعرفية للبشر مثل القدرة على التعلم وحل المشكلات.

و يرى اثنان من أبرز العلماء في مجال علوم الكمبيوتر، ستيوارت روسل (Stuart Russell) وبيتر نورفيغ (Peter Norvig)، أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يعبر عن التصرف بطريقة عقلانية بدلاً من مجرد تقليد التفكير البشري. بينما يعرفه باحث آخر بأنه علم يهدف إلى إنشاء آلات ذكية خاصَّةً برمجيات الكمبيوتر الذكية.

 تاريخ الذكاء الاصطناعي و دوره في الخيال. 

قبل ظهور أليكسا Alexa و سيري Siri ومساعد جوجل Google Assistant، كان للذكاء الاصطناعي AI وجودًا مفاهيميًا منذ العصور القديمة. في الميثولوجيا اليونانية، مثلاً، توجد أسطورة "تالوس Talos" من جزيرة كريت الذي صُنِع ليكون حارسًا لجزيرة كريت. صَنَعَه الإله "هيفايستوس" Hephaestus وأهداه للملك "مينوس Minos" ملك جزيرة كريت، و كان العملاق البرونزي يستطيع أداء وظائف عسكرية مثل البشر حيث كان يجوب محيط هذه الجزيرة ثلاث مرات يوميا، و لهزيمة العملاق البرونزي "تالوس Talos"، أزال "جاسون و الأرجونوتس Jason and the Argonauts" المكون الوحيد الذي يحتوي على السوائل الحيوية لـ"تالوس Talos"، مما أوقف إدراكه.

و في ذروة ازدهار علم الكيمياء القديمة (الخيمياء alchemy) برزت العديد من الأفكار حول "الرجال الاصطناعيين" الذين يمكن إنشاؤهم من خلال عمليات غامضة وكان من بين أبرز هؤلاء المفكرين "باراسيلسوس Paracelsus" و في القرن التاسع عشر تطورت هذه الأفكار لتشمل الرجال الاصطناعيين والآلات الذكية حيث أصبحت رواية فرانكشتاين "Frankenstein" للكاتبة ماري شيلي "Mary Shelle" رمزًا لهذه الحقبة، و منذ ذلك الحين أصبح موضوع الذكاء الاصطناعي AI موضوعًا منتظما في أدب الخيال العلمي. 

و لكن الأبحاث الفعلية في مجال الذكاء الاصطناعي لم تبدأ بجدية الا في القرن العشرون و خصوصًا خلال الحرب العالمية الثانية، مما شكّل نقطة البداية للتطورات الأولية في هذا المجال مثلما شهدت التطورات التكنولوجية الأخرى، ومنذ ذلك الوقت، استمرت الأبحاث والتطورات في الذكاء الاصطناعي بالنمو والتوسع حتى يومنا هذا.

تطورات الحرب العالمية الثانية و سؤال آلان تورينج Alan Turing الشهير. 

هل سمعت يوما عن "آلان تورينج Alan Turing"؟ ربما إذا كنت من محبي ألعاب الكمبيوترفلن يبدو الاسم غريبًا عليك.  و إذا لم تكن تعرفه، فشاهد فيلم " لعبة التقليد The Imitation Game" أو اقرأ هذا المقال. كان "آلان تورينج Alan Turing" عالمًا بريطانيًا ساعد الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية على فك تشفير آلة "إنجما" the Enigma encryption machine التي استخدمها الألمان لإرسال رسائل مشفرة. و بعد خمس سنوات من انتهاء أكبر حرب في التاريخ نشر تورينج Turing مقالًا أكاديميًا بعنوان "آلات الحوسبة و الذكاء Computing Machines and Intelligence "، و في هذا المقال غَيَّرَ "آلان تورينج" مجرى تاريخ الحوسبة للمرة الثانية حيث طرح فيه سؤالاً ثورياً: "هل يمكن للآلات أن تفكر؟" و نُشر هذا المقال عام 1950، قبل عامين من الحكم على "آلان تورينج" بالإخصاء الكيميائي بسبب مثليته الجنسية (كانت المثلية جريمة في المملكة المتحدة حتى عام 1967). هذا المقال و الاختبار المعروف بـ "اختبار تورينج" و ضعوا الأهداف والرؤى الأساسية للذكاء الاصطناعي، وبالتالي أصبح الذكاء الاصطناعي AI فرع من علوم الكمبيوتر و يهدف إلى الإجابة على السؤال الشهير تورينج Turing.

كان الاهتمام بالآلات المفكرة منذ الخمسينات. 

أولاً، من يعتقد أن التقدم التكنولوجي مرتبط بالتطور الاجتماعي والمالي فهو مخطئ. ففي الواقع النزاعات بين الدول هي التي تدفع إلى الاستثمار في التقنيات الجديدة و نشأ مفهوم الآلات المفكرة خلال فترة الحرب الباردة. 

و من قرأ أو شاهد الفيلم الأمريكي الحراس "Watchmen" سيتذكر قصة "دكتور مانهاتن Dr. Manhattan"، الذي تحول إلى كائن فائق القوة بسبب حادث نووي أثناء العمل على تقنيات نووية خلال الحرب الباردة.

و منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي أصبح مجال الذكاء الاصطناعي تخصصًا أكاديميًا، و بفضل مقال "تورينج" أصبح موضوع "الآلات المفكرة" رائجًا إلى جانب السيبرنيتيك "cybernetics"،و نظرية الآلات ذاتيـة التشغـيل "نظرية الأتمتة automation theory" و معالجة المعلومات المعقدة  "complex information processing" و  هذه المصطلحات الثلاثة تشير إلى مجموعة متنوعة من التوجهات المفاهيمية حيث اجتمع علماء من مجالات مختلفة (علم النفس و الرياضيات و الهندسة و الاقتصاد و العلوم السياسية) لمناقشة إمكانية إنشاء دماغ اصطناعية.

 تطور الذكاء الاصطناعي AI كمجال دراسي. 

أهم عمل في مجال الذكاء الاصطناعي هو كتاب الذكاء الاصطناعي: نهج حديث
 "Artificial Intelligence: A Modern Approach" من تأليف ستيوارت راسل و بيتر نورفيج "authors Stuart Russell and Peter Norvig"  الذي يتناول موضوع الوكلاء الأذكياء في الآلات.

في عام 1955، قرر "جون مكارثي John McCarthy"، أستاذ الرياضيات الشاب في جامعة دارتموث Dartmouth University، تنظيم مجموعة دراسية لمناقشة و تطوير أفكار حول الآلات الذكية. و اختار مصطلح "الذكاء الاصطناعي artificial intelligence" لهذا المجال الجديد لأنه، حسب قوله كان محايدًا مما تجنب التركيز على النظرية السيبرنيتيكية والآلات ذاتية التشغيل كانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا المصطلح.

و يشمل الذكاء الاصطناعي حاليًا مجموعة متنوعة من الفروع الدراسية من العامة مثل التعلم و الفهم إلى الخاصة مثل لعب الشطرنج و كتابة الشعر و قيادة السيارات و تشخيص الأمراض، و بحسب "راسل و نورفيج Russell and Norvig"، يُعَرَّفُ الذكاء الاصطناعي بأنه "دراسة العوامل التي تتلقى مدخلات من البيئة وتؤدي المهام تبعًا لذلك".

و بناءاً على اختبار تورينج Turing، يستكشف "راسل و نورفيج Russell and Norvig" الخصائص الأربع التي  تحدد مفهوم الذكاء الاصطناعي:

- التفكير مثل البشر        Think like humanos. 

- التفكير العقلاني               Rational thinking. 

- التصرف بطريقة بشرية  Act in a human way. 

- التصرف بعقلانية                     Act rational l'y. 

و تتعلق السمتان الأوليتان من اختبار "تورينج" بعمليات التفكير والاستدلال، بينما تتعلق السمتان الاخيرتان بعمليات السلوك. ووفقًا للمُؤَلِّفَيْنِ فإن السمات الأربع هي ما يسمح للوكيل بالتصرف بعقلانية. و ساهمت هذه التعريفات في إنشاء مجال علم الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى توفير الأساس لإنشاء آلات وبرامج بعناصر ذكاء اصطناعي يفوق الذكاء الطبيعي سرعة و إنتاجها. 

و قُسِّمَ الذكاء الاصطناعي في الآلات إلى أربعة أنواع: 

1)  الذكاء الاستجابي: يعتمد على المبادئ الأساسية، حيث يستخدم قدراته للاستشعار والاستجابة للعالم المحيط به. الآلة الاستجابية لا تمتلك القدرة على تخزين الذاكرة لأفعالها، وبالتالي لا تتمكن من التطور بشكل مستمر.

2)  الآلات ذات الذاكرة المحدودة: تتمتع بالقدرة على تخزين البيانات و تَوَقُّع الأفعال المستقبلية وتحسين أدائها في مجال الذكاء الاصطناعي.

3) نظرية العقل:  تُعد الخطوة التالية في تطور الذكاء الاصطناعي، وتشير إلى إمكانية أن تمتلك الآلات قدرات على فهم مشاعر الآخرين وأفكارهم ونواياهم والتفاعل معها. 

4) الوعي الذاتي:  يشير إلى إمكانية أن يمتلك الذكاء الاصطناعي وعيًا شبيهًا بوعي البشر، حيث يكون قادرًا على فهم وجوده الخاص في العالم واستيعاب حالاته الداخلية مشاعره.

و من لعب لعبة "ديترويت: تصبح إنسانًا Detroit: Become Human" سيدرك مدى خطورة النوعين الأخيرين، ولحسن الحظ مازالا مجرد مفاهيم لم يتمكن البشر حتى الآن من إنتاجهما، مما يجعلهما مواضيعاً للتأمل والتصورات المستقبلية.

استخدامات و أمثلة الذكاء الاصطناعي. 

إذا كان لديك معرفة متوسطة بعالم التكنولوجيا فإن هذا الجزء سيكون سهلاً بما نعيشه من حولنا من الذكاء الاصطناعي.

 يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه نظام حاسوبي قادر على أداء المهام التي كانت تتطلب سابقًا استخدام الذكاء البشري. وتُنشأ معظم الذكاءات الاصطناعية الموجودة اليوم عبر تعلم الآلة أو التعلم العميق "deep learning".

 و ينقسم الذكاء الاصطناعي بشكل عام إلى فئتين رئيسيتين هما: الذكاء الاصطناعي الضعيف Weak AI والذكاء الاصطناعي القوي Strong AI.

الذكاء الاصطناعي الضعيف هو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يركز على أداء مهام محددة ضمن نطاق معين، و يحاكي هذا النوع من الذكاء بعض جوانب الذكاء البشري، لكنه يبقى محصوراً في وظيفة واحدة فقط. هذه الآلات تعمل بأسلوب أبسط وبقيود أكثر مقارنةً بالذكاء الاصطناعي القوي.

الذكاء الاصطناعي القوي يثير فضول الإنسان ويشعره بالخوف في نفس الوقت، فهو يمثل نوع من الذكاء المرتبط بالآلات التي تتمتع بقدرات عقلية شاملة مما يجعلها تمتلك إمكانات هائلة تقارب الذكاء البشري بل قد تتفوق عليه في العديد من الجوانب.

و لا يجب أن نعتبر مصطلح "الذكاء الاصطناعي الضعيف  Weak AI" بأنه يحمل أي دلالات سلبية، إذ أن هذا النوع من الذكاء هو الذي يقف خلف معظم المنتجات التي نعتمد عليها يومياً، بدءًا بالمساعدين الشخصيين  ك ( Google Assistant، Apple’s Siri، Amazon’s Alexa، وMicrosoft’s Cortana.) ، ومحركات البحث مثل Google وصولاً إلى السيارات ذاتية القيادة. 

وقد شهدت هذه المنتجات تحسنًا كبيرًا بفضل التقدم في مجالات تعلم الآلة والتعلم العميق، مما جعلها أكثر كفاءة وفعالية في تلبية احتياجاتنا.

في الوقت الحالي، لم يشهد الذكاء الاصطناعي القوي انتشارًا واسعًا، ويرجع ذلك إلى التحديات الكبيرة في تطويره، حيث يحتاج إلى خوارزمية شاملة قادرة على التصرف وفهم جميع البيئات والظروف المختلفة.

علاوة على ذلك، يتمثل الذكاء الاصطناعي القوي في إنشاء آلة تمتلك معرفة وقدرات معرفية متنوعة، كما يتجلى في روايات وأفلام الخيال العلمي.

و بحسب الخبراء، سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن تتمكن الروبوتات من التظاهر بأنها بشر. و إذا كنت مهتمًا بما يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي في المستقبل، يمكنك مشاهدة أفلام مثل Star Trek، Wall-E، The Imitation Game، وA Beautiful Mind. أما إذا كنت قلقًا مما قد يجلبه المستقبل فعليك تجنب مشاهدة الأفلام مثل Black Mirror، Ex Machina، وIRobot.

في الختام، يمثل الذكاء الاصطناعي طفرة هائلة في عالم التكنولوجيا، حيث يمتد تأثيره ليشمل جميع جوانب حياتنا اليومية، من التطبيقات البسيطة إلى الحلول المتقدمة في مجالات مثل الطب والتعليم والصناعة. رغم التحديات الأخلاقية والفنية التي تواجه تطور هذا المجال، فإن الأبحاث المستمرة تفتح آفاقًا جديدة لمستقبل أكثر ابتكارًا وفعالية. ومع تقدم الزمن ستظل الأسئلة التي طرحها آلان تورينج حول قدرة الآلات على التفكير تثير الفضول وتحفز على مزيد من الاكتشافات والتطويرات في هذا المجال الحيوي. لذا، من الضروري أن نواكب هذه التطورات بفهم عميق ومسؤولية أخلاقية لضمان استفادة المجتمع من إمكانيات الذكاء الاصطناعي بأفضل صورة ممكنة.


تعليقات

Translate




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-